أدعية الإستخارة وقضاء الحاجة وشروط قبولها

أدعية الإستخارة وقضاء الحاجة وشروط قبولها



الدعاء هو من أجملِّ العبادات التي حث الله سبحانه وتعالى العباد على عدم تركها، فالدعاء من شرف المؤمن، والدعاء هو الذي يستجيب الله تعالى له ويقضي به الحاجات ويفرِّج الكربات ويرفع الغمة عن المغمومين، فعلى المسلم ألا يستهين بأمر الدعاء فإن أمره شديد عظيم خطير، والنبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة يحثنا على الدعاء، وسنبين ذلك لاحقًا إن شاء الله تعالى؛ لذا عليك أن تعلم أن الدعاء هو من أجلِّ الطاعات والقربات لله سبحانه وتعالى.
ونحن في هذا الموضوع أدعية الاستخارة وقضاء الحاجة وشروط استجابتها، نقدم للقارئ الكريم طرفًا من دعاء الاستخارة مع الشرح المختصر الموجز لأدعية قضاء الحاجة وشروط إجابة الدعاء حتى يكون المسلم الذي يريد أن يدعو على بينة من أمره، فكثير من المسلمين قد يتساءل أنه يدعو الله تعالى ولا يُستجاب له، ونحن هنا في هذا الموضوع نجيبه إن شاء الله تعالى.

دعاء الاستخارة :

الاستخارة هي طلب العبد للخير من الله تعالى، وهو أن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه العاقبة الحسنة والخير في الدين والدنيا، والاستخارة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أراد أن يقدم على أمر ذي بال، وهي أن يصلي العبد ركعتين من غير الفريضة، يقوم فيهما بقراءة الفاتحة وما تيسر له من آيات الذكر الحكيم، فإذا قام العبد بالتسليم من الصلاة دعا بذلك الدعاء الذي رواه البخاري مرفوعًا عن جابر رضي الله تعالى عنه: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير ثم رضني به.

أدعية قضاء الحاجة:

الدعاء هو أساس العبادة، ويدعو المسلم بما فيه الخير له في الدنيا مما يليق أن يدعو، وينبغي للعبد أن يأخذ بأسباب قبول الأدعية، ومن ذلك أن يتوسل إلى الله تعالى وهو يدعو توسلًا شديدًا، فيكون كالطفل بين يدي الخالق سبحانه وتعالى، وأن يثني على الله تعالى بما هو أهله، وقد روى أحمد والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. [النسائي وأحمد]
وقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن لوضوء، ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.

أوقات إستجابة الدعاء:

الثلث الأخير من الليل:
فقد روى مسلم وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح.
فهذا الوقت من أعظم الأوقات التي ينبغي للعبد أن يغتنمها في استخارة الله تعالى والتقرب إليه سبحانه والطلب منه عز وجل، فهي من أقرب الأوقات التي يكون العبد فيها قريبًا من الله سبحانه وتعالى.
وطريقتك لتحديد الثلث الأخير من الليل هي أن تقوم بمعرفة بداية الليل ونهايته، ثم تقوم بقسمة ذلك على ثلاثة أجزاء، فالجزء الأخير الذي هو الثالث الذي يسبق الفجر هو الثلث الأخير من الليل، وأول الليل إنما يبدأ بغروب الشمس، ونهاية الليل عند طلوع الفجر، وهذا الوقت يختلف باختلاف الزمان، فقد يطول الليل وقد يقصر ونحو ذلك.

شروط إجابة الدعاء:

ينبغي أن تعلم أن العبد إذا دعا الله سبحانه وتعالى وهو مستكمل لشروط إجابة الدعاء منتف عنه موانعها، فإن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوته، وذلك في عاجل هذه الحياة، وإما أن يدخر الله سبحانه وتعالى حسنات للعبد يوم القيامة مقابل هذه الدعوة، أو يصرف عنه سوءًا كان سيأتيه لولا أن الدعاء منع من نزول هذا الدعاء، وقد دلت العديد من النصوص الشرعية على ذلك، فقد قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) [البقرة:186]. وقال تعالى: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) [غافر:60]
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها” قالوا: إذا نكثر قال: “الله أكثر” [من رواية الحاكم وأحمد].
ومخلص شروط هذه الاستجابة والموانع التي تمنع منها هو قول الله سبحانه وتعالى: [فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي] فالذي استجاب لأمر الله تعالى واجتنب نواهيه وصدق بوعده سبحانه وتعالى وآمن به، فهذا قد تحققت فيه شروط إجابة الدعاء، وانتفت عنه تلك الموانع التي تمنع من الإجابة، فالله تعالى لا يخلف وعده.

عدم الاستعجال بالإجابة:

ثم إذا دعا العبد ربه سبحانه وتعالى فينبغي عليه ألا يتعجل ويترك الدعاء فإن ذلك يمنع من الإجابة، ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول:” قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء “.
فعلى العبد أن يستجيب لله سبحانه وتعالى ويؤمن به ويثق في موعوده الذي لا يتخلف، وعليك أن تدعو الله تعالى وتتحرى أوقات الإجابة ولا تتعجل فإن الله تعالى سيستجيب لك بإذنه الكريم، وعليك باستفتاح دعائك بالثناء على رب العالمين سبحانه والصلاة على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والختم بذلك.
وقد جاء في المسند عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب”.
كان هذا ختام موضوعنا حول دعاء الاستخارة وقضاء الحاجة وشروط استجابة الدعاء، قدمنا خلال هذه المقالة تفسيرًا شاملًا موجزًا حول دعاء الاستخارة وبينَّا الحديث الوارد بخصوص هذا الدعاء وصفة صلاة الاستخارة، وكذلك قمنا بذكر أدعية قضاء الحاجة وبعض الشرح المتقدم حتى يتيسر للقارئ الكريم فهم ما نريد أن يصل إليه، وكذلك وصلنا إلى شروط إجابة الدعاء، وكيف يستجيب الله تعالى لعباده، وأن الله سبحانه وتعالى إذا وعد لم يُخلف، فهو منزَّه عن إخلاف وعده سبحانه وتعالى وتقدَّس، أسأل الله تعالى أن يجعلنا دائمي الذكر له سبحانه وأن نكون من عباده المخلصين.

تعليقات